الثلاثاء، 18 أغسطس 2009

إليك أبي ...

معاينة

أبي ... كيف أبدأ رسالتي وأنا إذ أمسكت بقلمي هذا وهممت أن أكتب لك .. كأن قلمي لم يعرف الكتابة من قبل وكأن الحبر فيه لا يعرف من الحروف والكلمات إلا علامات الإكبار وحروف الإجلال . وتهرب مني الكلمات , حتى لا أجد منها كلمة واحدة تقف على حدود معنى بسيط مما أريد أن أقوله لك , وأي ألفاظ تلك التي أرتبها فتصور لك ما في صدري ؟ أو أتخيل أنها تصور لك ما في صدري ؟ ماذا أكتب لك.. وأنت أبي ؟ رسالة شكر .. ؟
رسالة عرفان ..؟ رسالة تقدير ..؟ أي شكر وأي عرفان وأي تقدير .. ؟ وقد جعلك الله سبب وجودي . ماذا أكتب وأنت أبي ..؟ 
أبي ... عندما أقولها أشعر والأمان . والحب والعطاء الذي لا مثيل له .
أبي ... أيها المعنى الكبير والعطاء الكبير والحنان الكبير . ماذا أكتب لك ...؟
 وانسى كل الكلمات . وأقف ... وأجد يدي ترتفع إلى رأسي ثم تنبسط وتسبقني إليك , وترحل الأشياء من رأسي ولا تبقى إلا أبي . 
ثم أنحني وأطبع قبلة على يدك الطاهرة وراسك الطاهر . وأقرأ في صفحة وجهك الطلق أيام عمري  ... يتبدد خوفي وتصير الدنيا في كفي . كيف الحياة بلا أبي ..؟ لكأن الله خلق العطاء وقال له كن رجلا وامرأة فكان أبي وأمي . ثم قال للحنان كن معه ولكأن الله خلق قلبين وملأهما نورا وعطرا وجلالا ثم قال لهما كونا لاثنين فكانا لأبي وأمي . لو كان لكل أب حق على ابنه لكان أعظم حق لوالد على ولده ذلك الذي لك علي .
علمتني أن لا إله إلا الله هي منهج الحياة , فلا ميزان في هذه الدنيا أعدل من ميزانها , ولا دين يملأ على الإنسان حياته كلها إلا الإسلام , لأن الدين عند الله هو الإٍسلام .
علمتني أن الحقيقة غاية كنقطة الضوء في زمن الظلام , وأن الظلم عار , دروبه معتمة , هو مقصلة المروءة , ومقبرة الرجال . وأن الرجل يعرف بأسباب الحق عنده .
علمتني أن التواضع رفعة , وأن الكبر جهالة .
علمتني أن النساء شقائق الرجال ¸وإنما جعل الله القوامة للرجال على النساء بأسباب من عنده سبحانه . وما وجدتك يوما أهنت أمي , ولا فضلتني على أختي , ولا فضلت أختي علي . رأيتك دائما تخفض جناحك لأمي وأخوتي , كالطائر الذي يحتضن أفراخه . علمتني أن الرجل أول ما يكون لأهله ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله )  وعلمتني أن مفتاح جنتي عند أقدام أمي . تلك المرأة التي تهب حياتها وعمرها لأبنائها وهي راضية باسمة , كالشمعة تحترق حتى تمنحنا النور .
كم أفخر بك , وأشرف بك . أنت الذي علمتني الرحمة لأنك كنت بي رحيما , وتعلمت منك الرضا بقضاء الله , فوجدت فيه راحتي ونصرتي على الدنيا ونفسي , وكنت بذلك أغنى الناس , وعلمتني أن العين التي لا ترى الحقيقة عمياء , وأن الأذن التي لا تسمع الحق صماء , وأن المرء يحرم عطاء الله بمعصية الله , وأن القلب الذي يحسد لا خير فيه .
علمتني كيف اتحدث مع الرجال وكيف ألآعب الصغار وكيف اتحمل المسؤولية .

علمتني وعلمتني وعلمتني ...

حتى بلغت ما أنا فيه الآن رجلٌ من صنعك يا والدي هاأنا مهندسٌ في أعلى المناصب و رب أسرة ناجحة وإبنٌ يطلب رضاك ..

سيدي و والدي ..
 كل الشكر لك والدي لوقفتك معي في كل قراراتي الجريئة التي جعلت مني انساناً ناجحاً أليق بأن أحمل لقب 
محمد بن صالح الزامل

اسأل الله العظيم أن يمد في عمرك وأن يبارك لك فيه و أن يعينني على برك كما اسأله أن يجزيك عن كل ما اعطيت خير الجزاء وأن يقر عينك بنجاحنا وصلاحنا .



ابنك 
المهندس : باسل بن محمد الزامل 

ليست هناك تعليقات: